بعد 50 سنة من الجفاف .. عودة الحياة إلى بحيرة "إريقي" بين إقليمي زاكورة وطاطا بفضل أمطار غزيرة
شهدت منطقة المغرب الشرقي في الفترة الأخيرة أمطارًا غزيرة واستثنائية، مما أثر بشكل خاص على المناطق المرتبطة بفم زكيد، زاكورة، وسلسلة جبال باني. هذه الأمطار لم تكن مجرد حدث جوي عابر، بل كانت سببًا في إحياء بحيرة إريقي التي تقع جنوب جبال باني بين إقليمي زاكورة وطاطا، وهو حدث بيئي نادر يحمل أهمية كبيرة.
وتُعد بحيرة إريقي واحدة من المناطق الطبيعية الهامة في المغرب، وتقع في عمق الصحراء المغربية. تاريخيًا، كانت البحيرة مصدرًا للحياة في المنطقة، إلا أنها جفت منذ أكثر من 50 عامًا نتيجة التصحر وقلة التساقطات المطرية. زحفت رمال الصحراء على البحيرة، وتسببت في منع الأودية التي كانت تغذيها بالمياه من الوصول إليها.
كان اكتشاف وجود المياه في بحيرة إريقي قبل انطلاق الرحلة نتيجة تحليل صور الأقمار الصناعية، وخاصة القمر الصناعي "سنتينيل" الذي ساهمت صوره في رصد تجمعات المياه في البحيرة بشكل دقيق. أظهرت هذه الصور بيانات واضحة تؤكد امتلاء البحيرة بالمياه بعد الأمطار الغزيرة، مما شجع فريق بحث علمي يتكون من عادل مومن، وطارق باحوق، عن شعبة الجغرافيا، جامعة ابن طفيل، ورحمون الغفيري، عن جمعية أصدقاء البيئة، ومحمد ياسين عن جمعية أفق زاكورة على التوجه إلى المنطقة لتأكيد هذه الملاحظات على أرض الواقع.
وتمكن الفريق من الوصول إلى البحيرة وتوثيق الحالة الراهنة لها بعد عودتها للحياة حيث تمتاز بحيرة إريقي بجمال طبيعي فريد، إذ تُحيط بها التضاريس الصحراوية الصخرية لسلسلة جبال باني، وتُعتبر موطنًا مؤقتًا للعديد من أنواع الطيور المهاجرة التي تجد فيها مأوى وغذاء.
بعد الوصول إلى البحيرة، قام الفريق بأخذ عينات من مياه البحيرة للتحليل والتأكد من نوعيتها وتركيبتها الكيميائية. أشارت النتائج الأولية إلى أن المياه الحالية التي أعادت الحياة إلى البحيرة قد وصلت إليها من الشمال، تحديدًا من جبال باني، بعد السيول التي جرت في المنطقة نتيجة الأمطار الغزيرة. هذا التدفق المائي غير المتوقع هو ما أعاد الحياة إلى بحيرة إريقي بعد سنوات من الجفاف والتصحر.
ولا تقتصر عودة المياه إلى بحيرة إريقي على الجانب الجغرافي أو الطبيعي فقط، بل تشكل أيضًا فرصة كبيرة للبحث العلمي. فمن المتوقع أن توفر هذه البحيرة بيئة غنية لدراسة تأثيرات الأمطار على التنوع البيولوجي في المنطقة، بالإضافة إلى دراسة التحولات المناخية التي تؤثر على النظم البيئية الصحراوية.
وعلى الرغم من أن الأمطار الغزيرة قد تكون استثنائية، إلا أن مثل هذه الظواهر توفر معلومات هامة للباحثين، حيث تُعتبر هذه الأمطار بمثابة "اختبار طبيعي" للنظم البيئية الصحراوية الهشة.