بعد انخفاض حاد بمخزون المياه.. برشلونة تتخذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة جفاف "غير مسبوقة"
تواجه مدينة برشلونة أزمة جفاف غير مسبوقة، دفعت السلطات الكتالونية إلى إعلان حالة الطوارئ في الإقليم، بعدما تم تأجيلها مرارًا إلى أن انخفضت مخزونات المياه إلى مستويات حرجة، لتصل إلى أقل من 1 مليون متر مكعب، ما استوجب تدخلا سريعا من أجل وضع خطة تروم مواجهة تحديات هذه المرحلة.
ومنذ شهور عديدة، بذلت السلطات الإسبانية مجهودات لتجاوز هذه الوضعية الصعبة، لكن مع استمرار فترة الجفاف التي تعيشها كتالونيا، أصبح من المستحيل تجنب الإعلان عن حالة الطوارئ خاصة في المدينة، والتي تعد ثاني أكبر مدينة في إسبانيا.
وتقتضي حالة الطوارئ فرض قيود صارمة على استهلاك المياه، حيث تم تقييد استهلاك الفرد إلى 200 لتر يوميًا في المرحلة الأولى، مع إمكانية تقليل هذا الحجم إلى 180 لترا ثم 160 لترا فيما بعد. وتشمل الإجراءات كذاك إغلاق حمامات الصالات الرياضية وتقليل ريّ المساحات الخضراء إلى الحد الأدنى الكافي لحماية الأشجار من الموت. كما شهد القطاع الزراعي، إجراءات أكثر صرامة، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 25%، ليصبح من الضروري على المزارعين التقليل من استهلاكهم إلى حوالي النصف، وعلى الفلاحين تقليل المحاصيل بنسبة 80٪. ويواجه قطاع السياحة بدوره تحديات كبيرة، فإعلان حظر ملء المسابح، فاجأ المخيمات والفنادق وذلك خوفا من فقدان جاذبيتهم، ما جعل البعض يستعد لاستخدام مياه البحر.
وفي برشلونة، يتم تنبيه الزوار من المطار بالوضع الحرج، ويتم دعوتهم إلى استخدام المياه بشكل عقلاني. إلا أن الأرقام تشير إلى أنهم قد يكونون أكثر جشعا في استهلاك المياه من السكان المحليين، حيث تشير دراسة مبنية على بيانات تم التوصل إليها عام 2016، أن متوسط استهلاك كل شخص قاطن ببرشلونة يبلغ 163 لترًا يوميا، بينما يستهلك زائر فندق خمس نجوم 545 لترا يوميًا، وزائر فندق أربع نجوم حوالي 373 لترا، وزائر فندق ثلاث نجوم ما يناهز 232 لترا.
ودرست "Generalitat"، حكومة كتالونيا، جميع الخيارات لضمان استمرارية التوريد. حيث تم وضع خطة في عام 2020 ارتكزت على استراتيجية للاستخدام المسؤول، مع اللجوء إلى إعادة التدوير وتحلية المياه. وقد نجحت الخطة حتى الآن، لكن بعد أزيد من 3 سنوات من الجفاف الشديد، وفي ظل التغيرات المناخية المستمرة وارتفاع درجات الحرارة، يتم استنزاف جميع السبل.
وإحدى الحلول الممكن اعتمادها قد تكون الإمداد عبر البحر، مع توصيل من جنوب كتالونيا، وربما من مرسيليا للمدينة. وتم تجهيز ميناء برشلونة لاستقبال الناقلات البحرية، ولكن، لأسباب مادية، يمكن أن يكون هذا فقط إضافة، حيث يصر المدير العام لوكالة كتالونيا للمياه، أنه من غير المتوقع تحقيق هذا السيناريو قبل شهر يوليوز المقبل.
ويأمل مسؤولو وساكنة برشلونة أن يكون هذا الجفاف الشديد هو الأخير من نوعه، إذ أن خطة المنطقة مبنية على أن يحقق إقليم كتالونيا الاكتفاء الذاتي، اعتبارًا من عامَيْ 2027-2028، بفضل التحسينات التي هي قيد التنفيذ، عبر إنشاء مصنعين لتحلية المياه ومحطات حديثة لمعالجة المياه، كي لا يتم الاعتماد على بحيرات الخزان. وفي الوقت الحالي، الكل يترقب التساقطات المطرية بالبلاد لتجاوز الأزمة المائية.