تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

جفاف لخمس سنوات.. شُحُّ المياه وموجات الحر يَفْتِكان بحقول فلاحية شاسعة برومانيا وجنوب المجر

جفاف لخمس سنوات.. شُحُّ المياه وموجات الحر يَفْتِكان بحقول فلاحية شاسعة برومانيا وجنوب المجر

بدأت ظاهرة الاحترار المناخي تطال أماكن وبلداناً كثيرة كانت بمنأى عن آثارها المدمّرة على الطبيعة والإنسان إلى وقتٍ قريب. إحدى هذه المناطق هي جنوب القارة الأوروبية وشرقها التي تعاني من ظروف جفاف مستمرة ومتكررة، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن المرصد الأوروبي للجفاف، ويتفاقم الوضع عاماً بعد عام كما هو حاصل في رومانيا وجنوب المجر.


"خمس سنوات من النار"... بهذه العبارة تلخص يوليا بلاغو، إحدى المزارعات في جنوب شرق رومانيا، الوضع لدى وقوفها في حقلها تحت أشعة الشمس الساطعة، بعدما فتكت موجات الحر المتعددة بمحاصيلها هذا العام.
تشرح المزارعة البالغة 39 عاما، التي اضطرت للمرة الأولى إلى الاقتراض لدفع أجور موظفي مزرعتها، أن "السؤال ليس هل سنموت، بل متى سنموت".


وفي حقولها التي تحوّلت إلى أرض مقفرة، تخلّت بلاغو عن محراث صدئ لأن "الحرث يستنزف التربة، وهو أمر خطر للغاية" في الوضع الحالي.
بعدما جاءت قبل خمس سنوات من العاصمة بوخارست، تسلّمت بلاغو الشعلة من والدها، وتولت إدارة 300 هكتار في بلدة أورزيتشيني، من دون أن تدرك التحدي المناخي الذي ينتظرها.
"من نبتات دوار الشمس المحروقة إلى حبات الذرة التي باتت مشوية بفعل الحرارة، مروراً بالأوراق المتقزمة"... تلاحظ يوليا بلاغو بكثير من العجز آثار الجفاف على مزرعتها في أحد أكثر البلدان تضررا جراء هذه المشكلة في أوروبا.


تحاول يوليا بلاغو التكيف مع هذه الظروف الجديدة، لكن زمن محاصيل الذرة التي كانت تدرّ حتى وقت قريب عوائد كبيرة قد ولّى، وحلّت محلها نباتات أكثر تكيّفا مع درجات الحرارة المرتفعة مثل الذرة البيضاء، وربما في المستقبل الكزبرة أو الحمص.
"من دون ماء، لا يمكننا أن نفعل أي شيء"، بحسب يوليا بلاغو بيديها المغمّستين في التربة غير الخصبة.
هذا ووعدت الحكومة الرومانية بتعويض مالي لأصحاب مليوني هكتار من الأراضي المتضررة من الجفاف في 2024، بحسب تقدير رسمي.


وفي أوائل غشت، قام المزارعون المجريون بمسيرة على جَمَلين وسط بودابست للفت الأنظار إلى الضرر الذي يُلحقه تغير المناخ بمهنتهم. وقد وُضعت الدولة بأكملها تقريباً في حالة تأهب قصوى.
لكن الأمر لا يقتصر على القطاع الزراعي، فالاحترار المناخي يتسبب بالجفاف وانحسار المياه في مئات القرى حيث اتخذت تدابير تقنين المياه في ظل انحسار البحيرات.
في مواجهة درجات الحرارة القياسية، يشعر البعض بأنهم متروكون "لربّهم"، ما دفعهم إلى دعوة الكهنة الأرثوذكس لمباركة حقولهم وتلاوة صلوات الاستسقاء.


وتحول الكثير من الأراضي الزراعية في رومانيا إلى أراضٍ صحراوية، ففي الجنوب تمتد مساحة رملية شاسعة تناهز مئة ألف هكتار، بالقرب من نهر الدانوب الذي يشكل الحدود الطبيعية مع بلغاريا. وبات هناك ما يشبه "الصحراء الرومانية" التي تتمدد بلا هوادة تحت تأثير الاحترار المناخي.