مشروع تنموي لتعزيز الأمن المائي.. أشغال إنجاز سد بولعوان بإقليم شيشاوة تصل إلى 57%

في إطار التوجيهات الملكية السامية التي تدعو إلى تعزيز الأمن المائي بالمملكة، تتواصل الجهود لتسريع وتيرة إنجاز 16 سداً كبيراً بمختلف ربوع المملكة. ومن بين هذه المشاريع الطموحة يبرز سد "بولعوان"، الذي يتم إنجازه بإقليم شيشاوة على وادي سكساوة، بالقرب من مدينة إمنتانوت. هذا المشروع يُعدّ أحد أهم المشاريع المائية التي تسعى إلى مواجهة التحديات المتزايدة المتعلقة بتوفير المياه والتنمية الزراعية، إضافة إلى دوره الأساسي في حماية المنطقة من أخطار الفيضانات.
سد بولعوان يتميز بخصائص تقنية وهندسية متميزة، حيث تبلغ سعة حقينته 66 مليون متر مكعب، مع علوّ يصل إلى 87,5 متراً. يعتمد بناء السد على تقنيات متقدمة، من بينها الحاجز الرئيسي المصنوع من الردوم بقناع من الخرسانة، بالإضافة إلى الجدار تحت الأرضي الذي يُعدّ أعمق جدار مانع للتسرب في المغرب. هذه الخصائص الهندسية تُمكّن السد من تحمل الظروف البيئية الصعبة وضمان أدائه على المدى الطويل.
وتُساهم هذه المنشأة المائية في تحقيق أهداف استراتيجية تنموية متعددة، من أهمها تزويد مدينة إمنتانوت والمناطق المجاورة بالماء الصالح للشرب. كما يهدف المشروع إلى تنمية السقي الصغير والمتوسط في الأراضي الزراعية المحيطة، ما ينعكس إيجابياً على الإنتاج الزراعي وتحسين دخل الفلاحين. إضافة إلى ذلك، سيلعب السد دوراً مهماً في الحماية من الفيضانات التي تُشكل تهديداً متكرراً للسكان والبنية التحتية في المنطقة.
من جهته، أوضح السيد محمد الواطلي، رئيس إعداد سد بولعوان، أن المشروع قد شهد تسريعاً في وتيرة الأشغال بحوالي 6 أشهر، مما يُبرز الجهود الكبيرة المبذولة لتقليص مدة الإنجاز وضمان اكتمال المشروع في الموعد المحدد، والمتمثل في يوليوز 2026. وأضاف أن نسبة تقدم الأشغال بلغت 57%، حيث تتواصل حالياً أعمال الحاجز الرئيسي، منشأة مفرغ الحمولات، الجدار تحت الأرضي من الخرسانة، وأشغال الحقن، والتي تُنفذ جميعها باستخدام تقنيات دقيقة ومواد عالية الجودة.
رغم التحديات التي واجهت تنفيذ المشروع، مثل إنشاء الجدار تحت الأرضي الذي يتطلب تقنيات متقدمة ودقة كبيرة، إلا أن الفرق الهندسية الوطنية تمكنت من التغلب عليها بكفاءة، مما يُبرز الكفاءات المحلية في إدارة وإنجاز المشاريع الكبرى.
يُجسد سد بولعوان رؤية المملكة في تعزيز الأمن المائي وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المناطق، خصوصاً في ظل التحديات المناخية التي تفرض ضرورة استغلال الموارد المائية بشكل أمثل. كما يعكس المشروع اهتمام المملكة بتحقيق التوازن بين تأمين المياه للمواطنين وضمان الأمن الزراعي، مع الحرص على حماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
في الختام، يُعد سد بولعوان ليس فقط مشروعاً لتوفير المياه، بل أيضاً خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إقليم شيشاوة والمناطق المجاورة، مما يجعله نموذجاً للمشاريع التي تعزز التنمية المستدامة وتحقق الأمن المائي.