تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رؤية واضحة واستثمارات مهمة.. المغرب نموذج رائد في إدارة الموارد المائية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

رؤية واضحة واستثمارات مهمة.. المغرب نموذج رائد في إدارة الموارد المائية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في وقت أصبحت فيه المياه تحديًا عالميًا كبيرًا، يبرز المغرب كنموذج رائد في إدارة الموارد المائية. فقد نجح في تحويل مشكلة نقص المياه إلى فرصة من خلال رؤية واضحة واستثمارات ضخمة. خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط في أكتوبر 2024، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهذه الجهود، واصفًا "الطرق السيارة للمياه" بأنها مثال يُحتذى به.

المغرب اختار أن يواجه مشكلة المياه بسياسة طويلة الأمد بدلاً من الانتظار. ورغم أن الأمطار الأخيرة ساعدت في تقليل العجز المائي مقارنة بالسنوات العادية، فإن المغرب لا زال لم يتجاوز حالة الجفاف الهيكلي حسب تصريح السيد وزير التجهيز والماء. لهذا السبب، تبنّى المغرب استراتيجية متكاملة تعتمد على بناء السدود، ربط الأحواض المائية، تحلية مياه البحر، والتحكم في الاستهلاك.

من أبرز المشاريع في هذه الخطة هو ربط حوض سبو بحوض أبي رقراق. هذا المشروع بطول 66 كيلومترًا يسمح بنقل فائض المياه من سبو إلى أبي رقراق، مما يضمن تزويد نحو 12 مليون شخص في منطقتي الرباط والدار البيضاء بالماء. ومنذ بداية تشغيله عام 2023، تم نقل أكثر من 600 مليون متر مكعب من المياه، ما يعكس فعالية هذه الخطوة الناجعة.

 

إلى جانب إدارة المياه السطحية، أصبح تحلية المياه جزءًا أساسيًا من خطة المغرب. محطة تحلية المياه في أكادير بدأت العمل وتنتج مياهًا صالحة للشرب باستخدام الطاقة المتجددة. كما يجري العمل على إنشاء محطات جديدة في الدار البيضاء، الداخلة، آسفي والجديدة. وسيتم تزويد مدينتي آسفي والجديدة بالكامل بالمياه المحلاة بفضل شراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، ما سيخفف الضغط على سد المسيرة.

ولا تقتصر الابتكارات على المشاريع الكبرى، بل شملت أيضًا توفير أكثر من 44 محطة تحلية متنقلة في مختلف المناطق بالمملكة، مع خطط لشراء محطات أخرى إضافية و3 محطات كبرى بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 لتر في الثانية. هذه المحطات تخدم القرى والمناطق التي تعاني من نقص المياه.

 

كما أن المغرب لا يركز فقط على إنتاج المياه، بل يسعى إلى استخدامها بشكل مسؤول. ولهذا السبب تم إنشاء "شرطة المياه" لمراقبة الاستهلاك ومحاربة التبذير. حيث تم تسجيل مئات المخالفات بسبب الاستغلال غير القانوني للملك العمومي المائي. ليبقى الهدف هو الاستفادة من كل قطرة ماء بشكل فعّال.

النموذج المغربي، الذي يجمع بين التخطيط، استخدام التكنولوجيا، والتأقلم مع التغيرات المناخية، حاز على اعتراف دولي وإشادة واسعة بسياسة مائية رشيدة تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيّده.

في عالم تزداد فيه تحديات ندرة المياه، يُظهر المغرب أن من الممكن الجمع بين التنمية الاقتصادية، الأمن المائي، والطاقة النظيفة. فهو واجه مختلف تحديات الجفاف، وخطّط للمستقبل، مما يجعله نموذجًا يُحتذى به في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.