تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

شركات بريطانية تعمل على ابتكار نظام يُحوّل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للشرب

شركات بريطانية تعمل على ابتكار نظام يُحوّل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للشرب

أفادت مقالات علمية صادرة في العديد من المجلات والصحف العالمية، أن مجموعة من شركات المياه المتواجدة في المملكة المتحدة تعمل على دراسة نظام يُحوّل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للشرب، وذلك في محاولة لمعالجة مشكلة ندرة الماء في المستقبل.

من جهته، دعا السيد جيمس بيفان، الرئيس التنفيذي لوكالة البيئة "Environment Agency" (وهي هيئة غير حكومية ترتكز مسؤولياتها على حماية البيئة وتحسينها في إنجلترا)، الأشخاص إلى أن يكونوا "أقل تحسساً وقلقاً حيال مصدر مياه الشرب في المملكة المتحدة"، مشيراً إلى أن الشركات ستكون بحاجة لاستخدام مياه الصرف الصحي المعاد تكريرها، لأنها ستجعل من السهل حل المشكلات التي يتسبب بها الجفاف، وذلك عن طريق تقليل الاعتماد على المياه المستمدة من الأنهار والخزانات.
كما أضاف المسؤول ذاته في مقال نشرته صحيفة "صاندي تايمز"، أن هذا النظام سيكون "آمناً وصحياً للغاية، على الرغم من أنه ليس أمرا يستسيغه الكثير من الناس.. لكن علينا أن نتعامل مع المياه باعتبارها مورداً ثميناً وليس سلعة مجانية، ويجب أن نكون أكثر انتقائية في تحديد أولويات استخدام مياه الشرب، إذ ليس من المنطقي هدرها على تنظيف السيارات أو سقي الحدائق".

وأعرب أيضا الرئيس التنفيذي لوكالة البيئة أنه "لَعَلّ الجانب الأكثر أهمية على الإطلاق يتمثل في الحاجة إلى أن نغير جميعاً طريقة تفكيرنا في استخدام الماء. يجب أن نتذكر من أين تأتي عندما نفتح الصنبور، فما يصل منها إلينا إنما يبدأ في نهر أو بحيرة ما، أو في إحدى طبقات المياه الجوفية. وكلما استهلكنا كمية أكبر منها، نكون في صدد استنفاد تلك الموارد وزيادة الضغط على الطبيعة والحياة البرية".

من جهة أخرى، تشمل الشركات التي تخطط لإعادة التكرير باستخدام النظام الجديد في المملكة المتحدة: "تيمز ووتر Thames Water" (أكبر مزود للمياه في لندن الكبرى ولديها 15 مليون مشترك)؛ "أفينيتي ووتر Affinity Water" (تزود نحو 950 مليون لتر من المياه يومياً لمليون و400 ألف منزل)؛ "ساوثرن ووتر Southern Water" (شركة خاصة مسؤولة عن إمدادات المياه وجمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها في مقاطعات هامبشير، ويست ساسيكس، إيست ساسيكس وكينت). وتجدر الإشارة إلى أن هذا النظام يستخدم في الوقت الراهن في ولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث ندرة المياه هي أكبر مما هي عليه في بريطانيا، ويمكن أن يكون الجفاف أكثر انتشارا فيها.

كما يأتي ذلك في وقت فُرض فيه حظر على استخدام خراطيم الماء في المنازل، في عدد من الناطق البريطانية نتيجة حالة الجفاف وقلة الأمطار هذا الصيف. وأفاد مكتب الأرصاد الجوية "Met Office" بأن إنجلترا شهدت خلال الفترة بين نونبر العام 2021 ويونيو عام 2022، 8 أشهر هي الأكثر جفافاً منذ صيف عام 1976.
وقد تساقطت الأمطار خلال تلك المدة، ما معدله 421 مليمتراً فقط من الأمطار في مختلف أنحاء إنجلترا - وهو أقل بنحو 74 في المئة من متوسط الفترة 1991 - 2020 الذي بلغ 568 مليمترا.

وجاء التفكير في اعتماد النظام الجديد في الوقت الذي تستعد فيه شركات المياه في المملكة المتحدة لمواجهة أصعب الأهداف التي وضعتها لها خطة جديدة أعلنت عنها الحكومة سابقا، فيما يتعلق بالتلوث الناجم عن تسرب مياه الصرف الصحي. ويبدو أن الحكومة البريطانية رَضَخَت للضغوط، وسط دعوات متنامية إلى فرض قيود صارمة على الشركات التي تتسبب في تلوّث المياه. وكانت قد صدرت عشرات التحذيرات من تلوث عدد من الشواطئ وأماكن السباحة في إنجلترا وويلز الأسبوع الماضي، بعد هطول أمطار غزيرة غَمَرت مجاري الصرف الصحي وتسببت في فيضانها. وقد أطلقت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية ما أسمته "أكبر برنامج بنية تحتية في تاريخ شركات المياه للحد من تسربات مياه الصرف الصحي وإنهاء التلوث". وفي ما يتعلق بالكلفة التي ستترتب عن تشغيل النظام الجديد، فستشمل استثمارا بقيمة 56 مليار جنيه إسترليني (65.52 مليار دولار أميركي) على مدى 25 عاماً.

ويتعين على شركات المياه بموجب مقترحات البرنامج، أن تسهر على تحقيق الأهداف المحددة لها، بحيث لا يحدث تصريف للمياه إلا في حال هطول أمطار غزيرة على نحو غير عادي، وعندما لا يكون هناك تأثير سلبي مباشر على البيئة المحلية. وبحلول عام 2035، سيصبح لزاماً على شركات المياه تحسين معدل تدفقات وضَخّ مياه الصرف باتجاه المواقع المخصصة للسباحة، الناجمة عن فيضانات العواصف، وتحسين 75 في المئة من الفائض الذي يُجرى تصريفه إلى أماكن تتبوأ صدارة المواقع الطبيعية من حيث الأولوية، مثل تلك التي تتسم بأهمية علمية خاصة. وبحلول عام 2050، ستُطبق هذه الشروط على جميع التدفقات الأخرى الناجمة عن العواصف، التي جرى تضمينها في قائمة الأهداف المحددة لشركات المياه، بغض النظر عن الموقع.

وتنص الخطة أيضاً على أنه سيُطلب من شركات المياه أن تنشر معلومات عن معدلات التصريف لديها في أقرب الآجال، إضافة إلى التزامها بمعالجة الأسباب الأساسية للمشاكل المتعلقة بالمياه، من خلال اتخاذ خطوات فعلية وناجعة لتحسين تصريف المياه السطحية.