تقرير دولي يرصد أهمية دعم الآبار العميقة للمساعدة في زيادة عمر الآبار العادية وضمان استدامتها
في تقرير صدر بداية سنة 2024، تم نشره بمنصة البنك الدولي تحت عنوان "دعم الآبار العميقة للمساعدة في زيادة عمر آبار المياه" تم التأكيد على أن ربع سكان المناطق الحضرية في العالم يعتمدون على المياه الجوفية للحصول على إمداداتهم اليومية من المياه.
وأكد التقرير أن هذا الاعتماد يبرز الدورَ الحيوي الذي تلعبه استدامة وانتظام عمل آبار المياه والآبار العميقة في ضمان الأمن المائي للمجتمعات المحلية.
وأشار التقرير إلى أن أحد الجوانب التي غالبًا ما يتم تجاهلها يتمثل في إدارة إمدادات المياه في وجود معيار موثوق به لعمر آبار المياه والآبار العميقة. ويُعد وضع معيار مرجعي دقيق لعمرها أمرًا محوريًا لجميع أصحاب المصلحة في قطاع المياه، من مرافق المياه إلى المؤسسات المعنية بحصول الجميع وعلى نحو عادل على مياه الشرب بأسعار معقولة، حسب البنك الدولي.
وتساءل التقرير على كيفية وضع مثل هذا المعيار المرجعي؟ موضحا أن الإجابة تكمن في البيانات التمثيلية والقصص الملهمة للداعمين للآبار العميقة في جميع أنحاء العالم.
وفيما يلي إليكم ملخص لأبرز ما تناوله هذا التقرير.
كشف تقرير البنك الدولي الأخير عن اقتصاديات المياه الجوفية عن واقع مثير للقلق، حيث غالبًا ما تخفق الاستثمارات في مراعاة الكفاءة التشغيلية لآبار المياه والآبار العميقة واستدامتها. ومع ذلك، فإن كمية المياه التي تنتجها الآبار العميقة والعمر المتوقع لها سيؤثران بشكل كبير على متطلبات رأس المال.
وأظهرت مراجعة أُجريت مؤخرًا لمشروعات البنك الدولي على مدى الخمسة عشر عامًا الماضية أن التكاليف المرتبطة بإنشاء الآبار العميقة - سواء كانت لمنشآت جديدة أو استبدال أخرى قديمة - تعتبر باهظة، حيث تمثل في المتوسط 5% من إجمالي الإنفاق على شبكات مياه الشرب.
ومن الأمور الصادمة، ووفقًا لتقرير لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية الصادر في أكتوبر 2022، أن ما يقرب من ملياري شخص ما زالوا يستهلكون المياه التي تشكل مخاطر صحية في الوقت الذي يوجد فيه مصدر قريب للمياه الجوفية ذات النوعية الأفضل.
وإلى جانب ضرورة إنشاء هذه الآبار الجديدة، هناك أيضًا حاجة إلى استبدال المعدات القديمة، حيث ينتهي الأمر بالتوقف عن استخدام العديد من هذه الآبار في وقت مبكر.
ولنأخذ حالة ولاية أندرا براديش الهندية على سبيل المثال، حيث تم التوقف عن استخدام 15% من الآبار العميقة في الفترة الزمنية الواقعة بين مسحين استقصائيين أُجريا في عامي 2016 و2019.
وفي حالات أخرى، تشير التعليقات والملاحظات الواردة من شركائنا الميدانيين إلى أن الآبار التي تخدم بانجول (غامبيا) أو كينغستون (جامايكا) قد تم التخلي عنها والتوقف عن استخدامها بسبب التلوث بالنترات، في حين أغلقت الآبار العميقة في لومي (توغو) بسبب الرمال التي وجدت في المياه المستخرجة. ولا تقتصر هذه الأمثلة على البلدان منخفضة الدخل، فبينما كانت أوروبا تعاني موجات الحر خلال الصيف الماضي، تصدرت مشاكل آبار المياه عناوين الصحف. وشهدت بلدة سالبريس في فرنسا ترسبات طينية في الآبار العميقة، مما أدى إلى توقف إمدادات المياه إلى المدينة.
كما شهدت بلدية بالتار في إسبانيا جفاف الآبار العميقة، وفي بلدية لافليش بفرنسا كان لا بد من استبدال بئرين بسبب انخفاض كمية المياه المنتجة منهما. وفي الآونة الأخيرة، في رونسيجليوني وكابرارولا بإيطاليا، فسدت إحدى الآبار العميقة بسبب التلوث الصناعي الناتج عن الزرنيخ.
إن الأمثلة لا حصر لها، وفي غياب معيار مرجعي لعمر الآبار العميقة، فنحن نسير على غير هدى، وغير قادرين على التخطيط للمستقبل ومعرفة احتياجاتنا للاستثمار. والناس في جميع أنحاء العالم يبذلون قصارى جهدهم من أجل تعظيم الاستثمارات بإنشاء آبار عميقة أفضل لا تقتصر فقط على تلبية متطلباتهم الفورية، بل تدوم أيضًا مع مرور الزمن. ولكن صلب المسألة يكمن في أننا بدون الإدراك التام للفترة الزمنية التي يمكن أن تستمر فيها هذه الآبار في العمل فعليًا، فإن الأمر يشبه إدارة الأصول على غير دراية أو معرفة.
ومن خلال مقارنة البيانات الفردية المتاحة لمديري الأصول مع المعيار المرجعي المنتظر، فسوف يتمكنون من تحديد الموضع الذي يحتاجون فيه لتحسين جودة البناء، ورفع مستوى الصيانة، والتنبؤ بنفقات الصيانة المستقبلية، والتأكد من قوة واستدامة استثماراتهم.
وتنطوي مبادرة البنك الدولي لتحديد مثل هذا المعيار على هدف جريء ولكنه محوري ويتمثل في تعزيز فهمنا الجماعي من أجل ضمان مصدر مياه مأمون ومنتظم للمجتمعات المحلية. كما أن نشر هذا المعيار، المقرر الإعلان عنه منتصف عام 2024، يحمل في طياته القدرة على إحداث تغيير جوهري!
ونظرًا لأن مساهمتك محورية في صحة هذه الدراسة وشمولها، فإننا ندعو الناس لمشاركتنا قصة الآبار العميقة الموجودة في مدينتهم. فمدينتهم جزء أساسي من تشكيل مستقبل تكون فيه مياه الشرب في متناول الجميع. فلنعمل معًا من أجل الارتقاء بمياه الشرب ميسورة التكلفة إلى مستوى عالمي.