تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

وضع عقد التدبير التشاركي للفرشة المائية لبرشيد بدعم من المنظمة العالمية للأغذية والزراعة "الفاو" 

وضع عقد التدبير التشاركي للفرشة المائية لبرشيد بدعم من المنظمة العالمية للأغذية والزراعة "الفاو" 

أضحى الخصاص في الموارد المائية مقلقا، نظرا لتزايد الطلب على الماء الذي يعد من أهم دعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يضع ذلك كل الفاعلين في المجال أمام مسؤولية تدبير الخصاص وطرق الاستثمار، مما يستدعي ضرورة اعتماد الحكامة في تدبير الموارد المائية باعتبارها رافعة للتنمية المستدامة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي.

ويعتبر مشكل استنزاف الفرشة المائية لبرشيد من أهم الإشكاليات القائمة على مستوى حوض أبي رقراق والشاوية، حيث يعتبر تردي وضعيتها المائية إحدى الإشكاليات المرتبطة بالحكامة في استغلال الموارد المائية. فالفرشة المائية لبرشيد التي تؤمن ما يقارب 96% من المياه الخاصة بالفلاحة، وبفعل الضخ المفرط والمصاحب لتوالي تقلص حجم التساقطات المطرية جراء تأثير التغيرات المناخية، فقدت هذه الفرشة حوالي نصف مخزونها من المياه. كما تراجع مستواها بشكل مهول صاحبه تزايد في عمق الآبار سنة بعد أخرى، نتج عنه كذلك عجز سنوي يقارب 37 مليون متر مكعب من الماء. 

أما على مستوى الجودة، ونظرا للتحول الصناعي والفلاحي والديمغرافي الذي يعرفه سهل برشيد، فإن هذا التطور أدى إلى تلوث الموارد المائية الجوفية للسهل، إذ ارتفع معدل النترات إلى ما يفوق 50 ملغ للتر الواحد وبلغت الملوحة 2.5 غرام للتر. ونظرا لهذا الوضع المقلق الذي يهدد الفرشة المائية أصبح من الضروري اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية، تهدف بالأساس إلى تدبير تشاركي ومستدام للفرشة المائية سواء من حيث الكم أو النوع وضمان استدامتها للأجيال القادمة. 
 
وفي هذا الإطار، فإن وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية، ومن خلال استراتيجيتها لتدبير الطلب على الماء وتثمينه، وبعد سلسلة من اللقاءات التشاورية على صعيد الإقليم (أزيد من 70 لقاء تشاوري منذ سنة 2010)، قامت بدراسة ميدانية شملت جميع الجماعات الترابية المتواجدة على مستوى المنطقة، بهدف وضع اتفاقية لتدبير تشاركي ومستدام للفرشة المائية قصد تأمين الموارد المائية للحاضر والمستقبل. 

وقد خلصت هذه الدراسة والتي تم إنجازها بدعم من المنظمة العالمية للأغذية والزراعة "FAO"، إلى وضع عقد الفرشة المائية حيث حُددت مجموعة من الإجراءات، فعلى المدى القريب تهم هذه الإجراءات وضع عقد الامتياز الخاص بالإجراءات التنظيمية والتحفيزية والرقابية مع مستعملي المياه، حيث سيكون تدبير الطبقة المائية بشراكة مع مختلف المتدخلين وجمعيات المجتمع المدني. 

وفي هذا الصدد تلتزم كل جمعية باحترام الحصة المائية المتفق عليها وتحدد هذه الحصة في 5000 متر مكعب في الهكتار الواحد قابلة للمراجعة حسب التساقطات المطرية وتطور مستوى مياه الطبقة المائية وتقوم ببعث الأحجام المستعملة من كل نقطة مائية بوتيرة دورية إلى الوكالة؛ كما تلتزم كل جمعية بِحَثّ منخرطيها على وضع عدادات لكل بئر أو ثقب، كما تسهر على اشتغال هذه العدادات بصفة منتظمة وبدون انقطاع. ومن ضمن الإجراءات المتخذة سيتم تحديد فريق العمل من أجل المراقبة بمشاركة جميع الفاعلين؛ وتشجيع خلق جمعيات نشيطة، إذ تم خلال سنة 2021 توقيع عقد الامتياز مع جمعيتين اثنتين.

وعلى المدى المتوسط، تهم هذه الإجراءات إنجاز مشاريع هيكلية تهم 4 محاور تتمثل في تدبير الطلب على الماء وتهم الاقتصاد في الماء؛ وتنمية العرض للموارد المائية عبر إنجاز مشاريع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في السقي والتطعيم الاصطناعي للفرشة المائية؛ وكذا تحسين المستوى المعرفي للفرشة المائية عبر التتبع على مستوى الكم والجودة؛ إضافة إلى تقوية التواصل والتكوين عبر تنظيم مستعملي الفرشة في جمعيات والقيام بعمليات التحسيس.

ولتفعيل هذه التوصيات والمشاريع تمت الاستعانة بمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" من أجل برمجة مجموعة من التدخلات في إطار عدة مشاريع جهوية على صعيد المنطقة والمتعلقة بالإنتاجية وعقلنة استعمال المياه. وقد تم خلال سنة 2022 وضع مشروع العقد الإطار للفرشة المائية لبرشيد من أجل مناقشته وتوقيعه على المستوى الوطني من طرف القطاعات المعنية.